أزمة الصحراء الغربية حلها بسيط !


مكارم ابراهيم
إن موضوع الانفصال أوالإندماج تحت راية وطنية واحدة موضوع حساس للغاية ومعقد في نفس الوقت فهناك شعوب تطالب بالانفصال والحصول على الحكم الذاتي والاستقلال التام, وهناك من يناهض الانفصال ويعتبره مخطط امبريالي ويجب الوقوف ضده ورفضه رفضا قاطعاٌ.
فالاكراد يطالبون بالانفصال عن العراق ولكن العرب في العراق يرفضون الانفصال. كذلك الشعب الصحراوي يطالب بالانفصال عن المغرب في حين ان المغاربة يرفضون الانفصال بحجة أنه منطق استعماري ، ولا يرتكز على أية حجة تاريخية لما يسمى بالشعب الصحراوي.

وحتى الشعب الامازيغي يقسم الى قسمين منهم من يطالب بالاستقلال والاعتراف بحقهم كشعب امازيغي غير عربي ومنهم من يرفض ذلك ويؤيد ضم الصحراء الغربية للمغرب ويدافع عن هذه الوحدة ليس من منطلق حب الوحدة بين العرب المغاربة والامازيغ بل من منطلق شوفيني. فهناك امازيغ يسعون لاعادة احياء الامبراطورية الأمازيغية في شمال افريقيا في منطقة ما يعرف ببلاد تامزغا » حدودها الشرقية الجزيرة العربية وحدودها الغربية المحيط الأطلسي وحدودها الشمالية البحر الأبيض المتوسط وحدودها الجنوبية من اقصى حدود السنغال الجنوبية الى اقصى حدود السودان الجنوبية ايضا، لذلك فان انفصال الصحراء عن منطقة تامزغا تعاكس اطروحة بلاد تامزغا الكبيرة ولذلك تجب محاربتها وقد ازهقت ارواح مناضلين ماركسيين لينينيين لهذا السبب؛
وهنا نجد التقاء موقف الأمازيغ الشوفيني مع موقف النظام الكومبرادوري الملكي بالمغرب حول هذه الأطروحة نظرا للطموحات التوسعية والهيمنية للنظام المغربي فلا ضير في ان يستعمل احد الأطراف الآخر وحتى الدخول في تحالف استراتيجي من اجل تقدم المشروعين السياسيين في المنطقة؛

ولكن ماهو الموقف الصحيح بهذه الحالة أن نتضامن مع حق الشعوب في الانفصال ام نقف ضد رغبة الشعوب في الانفصال؟.
إن الصراع من أجل الانفصال لم يقتصر على الشعب الكردي في العراق والشعب الصحراوي في الصحراء الغربية بل واجهته الشعوب الاوروبية الاسكندنافية .
فقد كانت ايسلندا كانت تابعة للاحتلال الدنماركي وكان الشعب الايسلندي يطالب دوما بالانفصال عن الدنمارك وبالفعل في عام 1918 بعد الحرب العالمية الاولى حصل الشعب الايسلندي على الحكم الذاتي لكنه استمر في نضاله ضد الدنمارك للحصول على الاستقلال التام عن الدنمارك وبالفعل حصل الشعب الايسلندي على الاستقلال التام عن الدنمارك عام 1944.
وولكن اود ان ننتبه الى نقطة هامة وهي ان نميز بشكل واضح بين الدولة الاسرائيلية والدولة الكردية والصحراء الغربية. فاسرائيل اسست دولتها من خلال سرقة ارض الشعب الفلسطيني لتجمع فيه شعب على اساس ديني . امام الشعب الكردي والصحراوي فهم اصحاب ارض تم تشريدهم وقمعهم .
سنتناول هنا قضية الصراع على الصحراء الغربية التي كانت في الاصل محتلة من قبل اسبانيا منذ 1874 وحتى عام 1975 وبعدها تم احتلالها من قبل المغرب عام 1975 وقد اعلنت الامم المتحدة باحقية الشعب الصحراوي بتقرير مصيره عام 1965 .
ولقد اخترت مقالة للباحث بيتر كينورثي متخصص في دراسات التنمية الدولية ومدير مجموعة الاتصالات الافريقية في الصحراء الغربية .
يقول بيتر كينورثي » يمكن للصحراء الغربية ان تحصل على استقلالها وينتهي الاحتلال بمجرد ان يضغط المجتمع الدولي على المغرب ».
لااحب ان يطلق على الصحراء الغربية « صراع عفى عليه الزمن  » واتضامن مع صديقتي كوستنتينا ايسيدوروس وهي طالبة دكتواره في جامعة اوكسفورد وتقضي معظم وقتها في مخيمات الصحراء الغربية لاجراء ابحاث انتروبيولوجية وسياسية حول قضية الصحراء الغربية .
تقول ايسيدوروس بالنسبة لي اعتبر إن قضية الصراع الصحراوي يمكن حله بسهله ولكن لااحد يريد ان يحل .
فالاعلام يتناول موضوع الصحراء الغربية متناسيا انه موضوع يحدث فيه التفاف بصورة غير مباشرة حيث ان الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا مع اسبانيا تسعيان للوصول الى هذه المنطقة ونهب ثرواتها الطبيعية .
لقد احتلت المغرب الصحراء الغربية منذ عام 1975 وملك المغرب يتحكم بثلاثة ارباع الاراضي في الصحراء الغربية من خلال نهب مواردها الطبيعية.
وقد تسبب الغزو المغربي للصحراء الغربية الى تشريد الشعب الصحراوي وهروبهم الى المخيمات التابعة للجزائر.
تعيش كوستنتينا ايسيدوريس في المخيمات التابعة للشعب الصحراوي وتتضامن وتؤيد قرار محكمة العدل الدولية التي تؤكد بان المغرب لايحق له احتلال الصحراء الغربية وينبغي ان يمتلك الشعب الصحراوي الحق الكامل في التحكم بارضه.
ولكن كونستينتيناا ايسيدوروس لاتعتبر قضية الصحراء الغربية قضية عفى عليها الزمن بل قضية تناولتها كل وسائل الاعلام العالمية حتى الدنمارك قامت بتسليط الضوء على الصراع في الصحراء الغربية في جميع وسائل الاعلام وبالاخص عندما قام ملك المغرب بالتصفية الوحشية لمخيم كاديم ايزيك عندما تظاهر اكثر من 10,000 صحراوي مطالبين بانتهاء الاحتلال المغربي لارضهم .
ماعدا قناة الجزيرة التي يملكها امير القطر لم تسلط الضوء على قضية الصحراء الغربية فامير قطر لا يقبل الاساءة الى ملك من ملوك المنطقة .
وتشير كونستنتينا الى الذكرى السنوية ال 35 التي يحتفل بها الشعب الصحراوي وحكومته التي تدار من مخيمات اللجوء بالقرب من تندوف في الصحراء الجزائرية وتيفاريتي.
وتعتبر كونستنتينا بان انتفاضة مخيم كاديم ايزيك في الصحراء الغربية ضد النظام المغربي هي اول انتفاضة في الموجة التحررية الديمقراطية التي تجتاح العالم العربي اليوم.
وفي تحليل سياسي تتفق فيه كونستنتينا مع البروفسيور والباحث الامريكي اليهودي نعوم شومسكي في لقاء في قناة البي بي سي والديمقراطية الان.
وترى كونستنتينا بان العالم كله يعلم بقضية الصراع في الصحراء الغربية ويمكنه التدخل لحل الازمة ولكن الدول الوحيدة التي يمكن لها ان تضغط على المغرب لانهاء الصراع هي الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا واسبانيا وبريطانيا وهذه الدول في حقيقة الامر راضية بالاوضاع المالية والاستتراتيجية على هذا النحو ولهذا لاتتدخل لحل الصراع.
والجدير بالاشارة أنه وعلى مدى 35 عاما استطاعت المغرب ان تؤسس لها ماكنة اعلامية عالمية استطاعت من خلالها ان تحصل على ضمانات من الولايات المتحدة الامريكية ومن فرنسا باعتبارهم اعضاء دائمين في مجلس الامن وان تطلب منهم عدم انتقاد المغرب بالانتهاكات المتكررة للقانون الدولي, وكانت المغرب ترد دوما ترد على موضوع احتلالها للصحراء الغربية بتصريحات هستيرية عدوانية وتفلت من العقاب الدولي والملاحقة بكل سهولة وهذا لايمكن ان يحدث لو لم تكن المغرب قد وقعت على اتفاقات سرية مع الولايات المتحدة وفرنسا واسبانيا بالسكوت مقابل نهب الخيرات والموارد الطبيعية في الصحراء الغربية.
ولكن مع كل هذا ارى أن هناك امل بنصرة القضية الصحراوية لصالح الشعب الصحراوي وذلك لوجود تعاطف شعبي كبير من قبل الشعب الاسباني على الرغم من ان ملك اسبانيا يساند النظام في المغرب وهناك تعاطف شعبي امريكي مع الشعب الصحراوي على الرغم من مساندة الولايات المتحدة الامريكية للنظام في المغرب.
المشكلة هي أن غالبية وسائل الاعلام العالمية تتجاهل تغطية الصراع على الصحراء الغربية واذا تناولته فيكون من الجانب المغربي فقط وليس من جانب الشعب الصحراوي. على سبيل المثال فرنسا لها علاقة تاريخية مميزة مع المغرب باعتبار انها كانت تحتل المغرب حتى عام 1966 علاوة على أن الحكومة الفرنسية من سياسين والنخبة المثقفة لهم عقارات في المغرب ذو الطبيعة الخلابة وهذا يجعلهم يساندون النظام في المغرب حتى في مسالة احتلاله للصحراء الغربية.
اما بالنسبة للحكومة البريطانية . فالمعروف ان بريطانيا لم يكن لها تاريخ في هذه المنطقة ولهذا لاتتناول الصراع في الصحراء الغربية في اعلامها والقليل جدا من الشعب الانكليزي له معرفة بقضية الصحراء الغربية الا انه بدا الان الاهتمام من بعض المثقفين واعضاء البرلمان .
اما الشعب الاسكندنافي فله اطلاع كبير على قضية الصحراء الغربية ويتعاطف مع الشعب الصحراوي.
ولو استمع زعماء العالم في الولايات المتحدة الامريكية وفي بريطانيا وفرنسا ولو لمرة واحدة للشعب الصحراوي وليس للدعاية التي يكررها النظام المغربي الذي يرسم صورة مزيفة عن قضية الشعب الصحراوي .ولو قام زعماء العالم بزيارة المخيمات التي يقيم بها الصحراويون سيتاكدون من عدالة قضية الشعب الصحراوي وسوف يتضامنون على الفور مع رغبة الشعب الصحراوي في الاستقلال.
مكارم ابراهيم
هوامش:
مقالة الباحث بيتر كينورثي
http://www.information.dk/263781

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*