محاولة مخابرات المخزن احداث شرخ داخل مكونات المجتمع الصحراوي

شبكة الرسالة في حوار مع الكاتب الجزائري انور مالك

أنور مالك لشبكة الرسالة : « ما حدث في العيون كان منعطفا بارزا في القضية الصحراوية وحفّز الشعوب المضطهدة كي تعلن ثورتها المدنية السلمية

الرسالة : في البداية نرحب بالصحفي والكاتب الجزائري الكبير انور مالك على صفحات شبكة الرسالة الاعلامية بالصحراء الغربية وموقع وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة ونتمنى ان نقضي معه وقتتا مفيدا نستعرض خلاله تجربته الاعلامية العتيدة
كيف نجحتم في زيارة المناطق المحتلة من الصحراء الغربية رغم حظر السلطات المغربية زيارة الصحافة والمراقبين الدوليين ؟

انور مالك : القصة مشهورة كثيرا، والذي يمكن التأكيد عليه أن السلطات المغربية سمحت لي بالدخول لسببين أساسيين، الأول ويتعلق بجزائريتي حيث يريدون حضوري وخاصة أنني معروف في الساحة الإعلامية من أجل توجيه رسائل للسلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو في آن واحد، بمعنى أوضح هو صفع الحكومة الجزائرية بكف جزائرية.
والثاني أنهم أطلقوا كذبة وصدقوها وهي أنني اساند أطروحة المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية وهذا بسبب بعض النقد الحقوقي الذي وجهته لجبهة البوليساريو وهو الأمر نفسه الذي فعلته مع حركات المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان، ولا يمكن طبعا أن أساند الكيان الصهيوني برغم نقدي لحركتي فتح وحماس.

على كل حال جاءتني فرصة ثمينة ومن ذهب للمشاركة في ندوة دولية بآسا في أفريل 2010 عن مخيمات اللاجئين في تندوف، وقد أحدثت زيارتي ضجة في وسائل الإعلام المغربية التي هللت كثيرا ونسبت لي ما لم أفكر فيه مطلقا، فضلت الصمت بعدما كان طوفان الإعلام المخزني أقوى مني، ولما إستشارني أحدهم من أجل ملتقى جديد عملت ما في وسعي من أجل أن يكون في العيون ولما تعذر الأمر وقع الإختيار على الداخلة، وبالفعل كانت فرصة تاريخية لكشف مستور لا يسمح النظام المغربي بالوصول إليه، ولهذا كانت صفعة قوية لكل من راهن على أنني يمكن أن أساند الحكام أو أصفق لهم أو أنه يمكن أن أتواطأ ضد حق مشروع يناضل من أجله الشعب الصحراوي عن بكرة أبيه، وقد توصلت معهم في الداخل وعرفت الحقيقة منهم وليس عبر وسائط ولا من الإعلام.

الرسالة : الحقائق التي كشفتها عرّت المخابرات المغربية ومخططاتها السرية هل تلقيتم تهديدات بالتصفية الجسدية ؟

انور مالك : طالتني التهديدات بالقتل وقد رفعت عدة دعاوى أمام الشرطة الفرنسية ولا تزال محل تحقيق معمق، وآخرهم هي رسالة إلكترونية وصلتني من الدار البيضاء وتحمل توقيع فتاة تؤكد لي أن قتلي صار قاب قوسين أو أدنى وأنه علي الإلتفات يمينا وشمالا عندما أقطع الطريق فطعنة الموت الغادرة تنتظرني.
على كل حال منذ سنوات وأنا أتعرض لمثل هذه الأمور ولن تثنيني أبدا عن مواصلة نضالي الحقوقي والإعلامي من أجل الدفاع عن المضطهدين والمظلومين في كل اصقاع الدنيا.

الرسالة : ذكرتم نقطة حساسة تتعلق بمحاولة مخابرات المخزن احداث شرخ داخل مكونات المجتمع الصحراوي كيف لاحظتم ذلك ؟

انور مالك : بالتأكيد هذا ما سمعته من بعض الأشخاص الذين كانوا يتقربون مني على أساس صحفي أو ثقافي وبعد فترة كشفت أمرهم من أنهم ينتمون للمخابرات المغربية، كما لدي معلومات موثوقة تؤكد أن المخزن وصل لقناعة أنه لا يمكن ثني الجبهة في خطها السياسي إلا بتكسير شوكتها داخليا وهذا بإختلاق معارضات داخلية لها أو من خلال شراء ذمم بعض القياديين فيها من أجل الهروب للمغرب والإستفادة من مناصب وجاه وعيش فاخر، وأيضا يعمل من أجل بث النعرات القبلية بين الصحراويين في الداخل حتى تصل للمخيمات وخاصة باستعمال مغاربة تم توطينهم في السبعينيات.
بإختصار شديد أؤكد على أنه يوجد مخطط مخزني جهنمي من أجل إحداث شرخ عميق بين الصحراويين ودفعهم نحو المواجهة أو حتى الحرب الأهلية التي ستكون مدعاة للفرار واشياء أخرى، وأغتنم الفرصة لأحذر الصحراويين من الإنزلاق نحو أي إشاعة أو خبر مزيف أو مخطط يجهل اصله وفصله، لأن المخزن الذي عجز بشتى الوسائل في القضاء على نضالهم بقيت أوراق سياسية يلعبها أمام الأمم المتحدة تتمثل في الحكم الذاتي، وأوراق أخرى أمنية تجند لها أعوان المخابرات والعملاء والمندسون وحتى الغرباء ممن يستغلون فضاءات إعلامية لخدمة أجندة موكلة لهم.

الرسالة : وما تعليقك عن قضية الشرطي ولد مصطفى سلمة؟

انور مالك : هناك أمر تم تجاهله في هذه القضية بالذات أن أمر هذا الشرطي أخرجوه للنور يوم الإثنين 09 أوت 2010، وأنا شرعت في نشر تحقيقي بجريدة الشروق في 03 أوت والحلقة الخامسة والأخيرة نشرت يوم السبت 07 أوت وطبعا يوم الأحد 08 أوت كان يوم عطلة أسبوعية، وقد توصلت بمعلومات أن القضية هي ردّ فعلي على تحقيقاتي التي أضرت كثيرا بصورة المغرب الذي كان يزعم أن أطروحته مدعومة من قبل الصحراويين.
ويكفي الحملة القذرة التي شنت على شخصي وعلى صحيفة الشروق وعرفت أمور لا يمكن تصورها.

الرسالة : هل توافق من يقول ان الثورات التي تجتاح العالم العربي كانت شرارتها بدات من اكيديم ايزيك بالصحراء الغربية ؟

انور مالك : صراحة أن ما حدث في العيون كان منعطفا بارزا في القضية الصحراوية وحفّز الشعوب المضطهدة كي تعلن ثورتها المدنية السلمية، وربما في ظل حمى الثورات لم تظهر كثيرا ايجابيات تلك الملحمة، ولكن مع مرور الزمن سنعرف قيمة ذلك.
بالنسبة للثورات الشعبية التي تجتاح العالم العربي بغض النظر عن كل التحفظات التي أراها، إلا أنها كشفت عن مدى الصراع القائم بين الشعب وحاكمه، بين الحرية والإستبداد، بين النزاهة والفساد، بين العدالة والظلم، وإن كان قد صدر في بعض الأقطار من شعب ضد حاكمه، فكيف يكون الحال مع شعب مقتنع لحد اليقين أنه في صراع مع من يحتل أرضه وينهب ثرواته، مع من يجلده، مع من ينتهك عرضه؟ !!

ما يحدث الآن في العالم العربي هي فرصة ثمينة للشعب الصحراوي حتى يستغلها لأجل فرض نفسه على الواجهة، فلا يعقل أبدا أن يتحرك حلف الناتو لأجل ليبيا ويتجاهل ما عليه شأن الصحراء الغربية المطروحة على الأمم المتحدة، ولكن عامل الثروات هو الذي صار يوجه السياسة الدولية للأسف الشديد.

الرسالة : كيف تقيم اداء إعلام البوليساريو بالمقارنة مع دعاية المغرب ؟

انور مالك : لا يمكن أن نقارن ترسانة إعلامية رهيبة في يد المغرب ومع إعلام بسيط وبإمكانيات متواضعة جدا، ولكن من دون شك أنه هناك حركية حثيثة لأجل صناعة إعلام متوازن ومهني يخدم القضية الأساسية للشعب الصحراوي وخاصة في ظل الصراع الإعلامي الرهيب الذي يجتاح العالم.

الرسالة : بصفتكم صحفي زار المناطق المحتلة من الصحراء الغربية كيف يتعامل شعب الصحراء الغربية مع الادارة المغربية ؟

انور مالك : أقولها ومن دون تردد أنني تفاجأت بإرادة الشعب الصحراوي الذي يتحدى من أجل قضيته، ربما كنت في الأول لا أملك الحيثيات الكاملة عن واقع الصحراويين إلا من خلال ما نطلع عليه في الإعلام أو بإحتكاك متواضع مع بعض إخواننا المناضلين والمنافحين عن القضية الصحراوية، ولكن لما ذهبت إلى آسا وبعدها منطقة الداخلة وتواصلت مع صحراويين في المدن والأرياف وصلت لقناعة كبرى أن هذا الشعب لا يمكن أن تقهره آلة الدعاية المغربية ولا الأطراف الأخرى التي تتواطأ مع المخزن.
الشعب الصحراوي وجدته يؤمن إيمانا مطلقا يصل لدرجة الإجماع على أنه لا خيار سوى تقرير مصيره، وأن المغرب هو محتل غاشم لا يختلف فيه بين إثنين، ومن تجدهم يساندونه هم إما مرتزقة يتهلفون للريع والإمتيازات أو مغاربة إستوطنوا الأرض وحسبوا أنفسهم من الصحراويين، وصراحة ليسوا بالعدد الذي تظهره الصحف ووسائل الإعلام المغربية المجافية للحقيقة التي لامستها على أرض الواقع.
من جهة أخرى لمست أمرا ويتمثل في حنق بعضهم على جبهة البوليساريو ولكن ليس كما يزعم المخزن بل لسبب واحد وهو المفاوضات فالصحراويون الذين يعايشون جحيم المغرب في الداخل وصلوا لقناعة كبيرة أنه لا يمكن تحرير أرضهم إلا بالكفاح المسلح فقط، والمفاوضات الجارية هي مضيعة للوقت، كما وجدت بعضهم يتهم الجبهة بتفويت فرصة الإستقلال مطلع التسعينيات بالتوقيع على وقف إطلاق النار حيث أنقذت المغرب الذي كان يغرق في وحل المقاومة وبإعتراف حتى ضباط مغاربة.
ولكن المتفق عليه حد الإجماع أنه لا خيار سوى تقرير المصير وأن الجبهة هي ممثلهم الشرعي والوحيد الذي وجبوا أن يلتفوا حولها وما الخلافات إلا في إطار أخوي وليس بما يخدم الأجندة المغربية.

الرسالة : يعني أنهم ينظرون إليها كإدارة احتلال ؟

انور مالك : بالتأكيد ولا يختلف فيه بين الأطفال الذين وجدتهم في مخيمات تابعة للإدارة المغربية ويمارسون كل وسائل غسيل المخ ولكن غريب أمرهم فقد تفاجأت بهم وهم يصفون المغرب بالمحتل والمغاربة بالمستوطنين الذين يجبوا أن يرحلوا وإلا سيأتي الزلزال العنيف والمتمثل في الكفاح المسلح.

الرسالة : ماهي العراقيل الاساسية في اعتقادكم لأي تكامل سياسي او اقتصادي بين دول المغرب العربي ؟

انور مالك : كانت لي نظرة قبل أن أتمكن من زيارة الصحراء الغربية ولكن منذ أن وقفت على ما يجري في أرض الواقع وأنا على يقين أن ما رأيته هو غيض من فيض مأساة هذا الشعب الأبي، توصلت إلى قناعة لا يمكن أن تتزعزع ومفادها أنه لا يمكن تحقيق أي تكامل سياسي أو إقتصادي ولا وحدة مغاربية في ظل عدم تمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بسيادة كاملة فإن أراد الإنضمام للمغرب فعلى البركة وإن قرر إستقلاله فله ما يريد، أما إن بقي الوضع على ماهو عليه فلا يمكن أن نصل إلى شيء بل ربما إن إشتعلت الحرب مرة أخرى في الصحراء الغربية فستدفع المنطقة وحتى الضفة الأخرى من المتوسط الثمن غاليا.
وطبعا هناك أسباب أخرى بينها الأفقي والعمودي ولكل الأنظمة مسؤوليتها في جانب معين، والشعوب المغاربية وعلى رأسها الشعب المغربي المعني أولا وقبل كل شيء والذي سيدفع الثمن باهضا جراء تعنت نظامه، إن كانت تراهن على غد وحدوي مشرق ومتعاون لمواجهة التحديات العالمية القادمة، ما عليها إلا الضغط بكل وسائل النضال المشروعة لأجل وضع حد نهائي للقضية الصحراوية وفي إطار الشرعية الدولية وخاصة في مثل هذا الراهن العربي.

الرسالة : تراجعت حرية التعبير بشكل لافت لدول المغرب العربي خاصة في المغرب حسب التقرير الاخير لمنظمة صحفيو بلا حدود لماذا في نظركم ؟

انور مالك : الحريات كلها تعاني في المنطقة المغاربية، ولكن الوضع في المغرب أشد وأنكى، فالمخزن صنع لعبته وصار لا يقبل أن يقفز على تلك الحدود التي صنعها، ويكفي أن أي صحفي أو مناضل يتجرأ على موقف مناهض للمخزن فيما يخص الصحراء الغربية سيدفع الثمن غاليا، ولكن برغم ذلك يوجد شرفاء مغاربة في الداخل والخارج تجرأوا على ما يعجز فيه غيرهم.
الثورات الشعبية التي تجتاح العالم العربي أكدت على أن الشعب المقهور سيثور وأن الأنظمة صارت على شفا جرف هار بسبب إستخفافها بشعوبها وقهرها للحريات العامة والكرامة الإنسانية.

الرسالة : لماذا تقوم الدعاية المغربية بمحاولة توريط الجزائر فيما يحصل في ليبيا ؟

انور مالك : لقد كشفت في دراستي عن المخابرات المغربية وحروبها السرية على الجزائر، من أن المخزن يعمل كل ما في وسعه من أجل توريط الجزائر وخاصة مع المجتمع الدولي، وتوجد مئات القضايا التي وقعت وأخرى لا تزال تحاك وتطبخ في الخفاء وسنعرفها بالتأكيد مستقبلا، وما ذكرتموه هو غيض من فيض فقط.

الرسالة : تثير صحيفة الجزائر تايمز التي كنتم تديرونها الكثير من الاسئلة حول خطها التحريري و هوية القائمين عليها هل تطلعنا على حقيقة هذا الموقع ؟

انور مالك : إن كنت قد كشفت ذلك من قبل ولا داعي أن نقوم بإشهار للصحيفة المذكورة التي لا تملك لا خطا تحريريا ولا أدنى مستوى إعلامي يمكن أن يحترم ولا صارت تعنيني في شيء، وصرت أعف نظري من تصفحها.
هي بالفعل كانت صحيفتي وتم الإحتيال عليّ بطريقة ماكرة خلال أيامها الأولى، وأؤكد أن هذا الموقع يملكه حاليا ما يسمى « الكونغرس المغربي في أمريكا » واصحابه يقيمون بين نيويورك وواشنطن وهم مغاربة ويحملون الجنسية الأمريكية، كما يملكون موقع « ماروك بوست » أيضا.
وقد تحديتهم من قبل أن يكشفوا هوية جزائري واحد ينتمي لإدارة هذه الصحيفة، ولم تتجرأ طبعاعلى القيام بذلك ولا يمكن أن تجد جزائري واحد يمكن أن يقبل يوما بتبني ترهاتها.

هي تنشر مقالات بأسماء مستعارة أو حروف وهمية، فكلهم من أبناء المخزن الذين يراهن عليهم في الدعاية للأطروحة المغربية في أمريكا، والأخبار المتعلقة بالصحراء الغربية تحرر في الدار البيضاء وتحت رعاية الجهاز الإستخباراتي.
وأدعو الكل بأن لا يهتموا بخزعبلات المخزن التي ترد في هذه الصحيفة الإلكترونية التي فقدت أسباب وجودها وسيأتي اليوم الذي سيتم توقيفها بعدما عوّل عليها كثيرا لضرب القضية الصحراوية وتحت عنوان جزائري، ولكن إنفضح الأمر برغم الدعاية المجانية التي يقدمها الإعلام المغربي من خلال نقل أخبار منها… إلخ.

الرسالة : كلمة أخيرة؟

انور مالك : أغتنم الفرصة لأرفع تحية تقدير وإحترام للشعب الصحراوي كما لن أنسى الذين إلتقيت بهم في الداخلة وكانوا في قمة الأمانة والرجولة والشهامة، وأؤكد لهم أنه مهما طالت اليوم سنلتقي مرة أخرى في الداخلة ولكن ليس تحت عيون المخزن ولا عسكره.
واشكركم على إتاحة هذه الفرصة لأعود مرة أخرى لقضية لا تزال تبعاتها تلاحقني بعدما وجدت نفسي في الواجهة وبين خيارين وفضلت كعادتي الإنتصار للحق والحقيقة ولو كان الثمن غاليا.

الرسالة : الاستاذ انور مالك نشكرك على هذا اللقاء ونتمنى لكم التوفيق في مسيرتكم المهنية

الرسالة, 11/04/2011

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*