حمل خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ ٣٦ لمسيرة العار مغالطات سياسية يتطلب الأمر الانتباه لها من باب أنه يريد إلغاء وجود شعب بأكمله يقاوم احتلال غاشم ولا انساني تجاوز كل الحدود المتعارف عليها ضد أبناء الشعب الصحراوي بزجهم في غياهب السجون.. وتعريضهم لكل أنواع التعذيب.هذه الحقيقة الساطعة لا يمكن لخطاب متناقض أن يطمسها أو يقفز عليها.. ففي الوقت الذي تسير فيه إلى أنه سيتم تحويل الصحراء الغربية إلى نموذج حقيقي فيما يسمى «بالجهوية المتقدمة» فإنه من جهة ثانية يتحدث عن المفاوضات في إطار مغربية الصحراء و «الوحدة الوطنية».
هذه الطروحات السياسية الكاذبة.. ما هي إلا امتداد طبيعي للهذيان الذي دفع بالمغرب إلى تنظيم مسيرة العار.. في ٦ نوفمبر ,١٩٧٥. رغم تحذيرات المجموعة الدولية آنذاك.. والدعوات الخيرة الصادرة عن الجزائر والتي أكدت لكل هؤلاء بأنها لا تعترف بالأمر الواقع الذي يريد المغرب فرضه في المنطقة، انطلاقا من مواقفها التاريخية المشرفة تجاه تقرير مصير الشعوب.
لا يمكن أن يتلاعب المغاربة اليوم بقضية مصيرية تعني هذا الشعب المكافح المغوار الذي قدم قوافل من الشهداء الأبرار.. والمناضلين الأحرار، العازمين على العودة إلى الديار مهما كلفهم ذلك من ثمن، فالذي يسعى إلى شطب هذا الشعب من خريطة المغرب العربي هو على خطأ.. ولا يفقه أي شيء في السياسة.
ولا تنطلي مثل هذه الادعاءات على أي حر في هذا العالم.. لأن كل من يتابع هذا الملف عن كثب يدرك بأن المجموعة الدولية أقرت شرعية هذا الشعب في تمتعه بحقوقه الكاملة دون نقصان وفق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وغيره، لكن إذا حاول البعض فرض أمر واقع آخر.. يتحدث عن تنمية في مناطق محتلة، ثم يجتر الكلام المتعلق بأفكار بالية تجاوزها الزمن.. فهذا ما يبين بأن هناك هزة على مستوى المخزن تجاه الرؤية الواجب اتباعها بخصوص قضية الصحراء الغربية.. بعدما ارتفعت اصوات دولية منددة بالممارسات المغربية بالصحراء.. من قتل وتعذيب ونفي واختطاف وغيره من الأعمال الوحشية والتي تعد من يوميات قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية ويجب التأكيد هنا بأن أحرار هذا العالم لا يريدون سماع مثل هذا الكلام غير المسؤول.
وفي هذا السياق يتحمل كامل المسؤولية حيال تداعيات القضية الصحراوية على أن التلاعبات في الخطاب السياسي يؤدي إلى انسداد أي حل مرتقب في الأفق.. وابعاد كل الفرص المتاحة على أكثر من صعيد.. فهل يعقل بناء مغرب عربي أمام محاولة فرض البعض أمر واقع معين على الجميع.. لا يحظى بأي موافقة سياسية.. على المغاربة أن يسألوا أنفسهم ماذا يريدون؟ هل يرغبون في أخذ الصحراء.. وبناء المغرب العربي، وتحسين علاقاتهم مع الجزائر.. هكذا؟ وإلقاء المسؤولية على الآخرين دون وجه حق.
وبالتأكيد فإن خطاب الملك محمد السادس لا يغير أي شيء في واقع سيرورة الصحراء الغربية.. لأن القضية قضية تصفية استعمار.. وهذا ما لا يريد المغرب هضمه.. ليقفز على حقائق سياسية وتاريخية لا يمكن له تجاوزها.
جمال أوكيلي
جمال أوكيلي
الشعب / 7/11/2011
Be the first to comment