كشفت بعض الدراسات أن غياب العدالة الإجتماعية أحد أسباب صراع التوارق في المنطقة الساحلية الصحراوية، وقد انقسم الباحثون في تحليل هذا النزاع إلى فرق، فمنهم من اعتبره قضية سياسية، وفريق آخر رأى أنه صراع اثني طائفي، ومنهم من أرجعه إلى أسباب اقتصادية محضة (التصحر) الذي ضرب مناطق كبيرة يسكنها التوارق، فخاضوا عمليات تمرد واسعة النطاق منذ التواجد الفرنسي، وعارضوا مشروع المنظمة المشتركة لمناطق الصحراء (أوكرس) التي تأسست استنادا للقانون الفرنسي عام 1957 وكان هذا المشروع يهدد كامل المنطقة بالإنفجار ويهدد الأمن الجزائري لما تتميز به مناطق الجنوب الجزائري من موارد اقتصادية تجعله القلب النابض للجزائر. وحسب الدراسة التي أجراها الأستاذ ظريف، فان منطقة الساحل والصحراء الكبرى تتربع على مسافة 05 مليون كلم مربع أي ما يعادل مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، يعيش سكانها الفقر والجفاف بسبب النزاعات والحروب، وتشمل الصحراء معظم مساحة الصحراء الغربية، موريتانيا، الجزائر، النيجر، ليبيا ومصر ثم جزء من مناطق جنوب المغرب وتونس والجزء الشمالي لمالي وتشاد والسودان، وظلت هذه المنطقة منذ استقلال الجزائر تشكل مصدرا للمشاكل التي ألقت بظلالها على الأمن الجزائري والمنطقة الساحلية الصحراوية وانعكاسها على الجانب التنموي للجزائر خاصة بمنطقة التوارق التي تعتبر بؤرة توتر، الأمر الذي استوجب تأسيس لجنة الأمن الإنساني في جانفي 2001 للبحث في النزاعات والعنف.
المغرب جعل من قضية التوارق ورقة ضغط سياسية على الجزائر في قضية الصحراء الغربية وحتى في قضية الحدود
» منطقة الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى مشتلة لـ « الإرهاب والجريمة المنظمة »
يرى باحثون أن المطلوب من الجزائر ودول المغرب العربي العمل على ترسيخ علاقاتها الإفريقية بشكل عام والعلاقات المغاربية لإرساء أكبر للتعاون الشامل والإسراع في بناء الإتحاد المغاربي وتفعيل الشراكة على مستوى منطقة الساحل الصحراوية، حيث حالة الأمن فيها ستعود بالسلب على كل دول شمال افريقيا، ولن يأتي ذلك جون تشكل وعي فعلي يطبع العلاقة مع افريقيا منزلة لا تقل أهمية عن القضايا المصيرية الكبرى للجزائر ومنطقة المغرب العربي ككل.
لقد شكلت الهجرة السرية موجة كبيرة خاصة بالنسبة للتوارق، بسبب الاضطرابات والعنف وحسب آخر الأرقام المقدمة من طرف السلطات الجزائرية فإنه يتواجد حاليا أكثر من 20 ألف شخص من جنسية مالية ونيجرية في جنوب الجزائر، 75 بالمائة منهم يحملون الجنسية الجزائرية، كما ان هناك ما لا يقل عن 45 جنسية تمثل 30 ألأف مهاجر مقيم تمنراست، مما جعلها تعيش الاكتظاظ وتعرف تزايدا كبيرا في عدد السكان . فالتوارق كانوا ولازالوا يمثلون أحد مكونات المجتمع الجزائري وينتشرون بصفة كبيرة في المناطق الصحراوية (الهڤار، جانت، تمنراست وأدرار). أما المغرب، فقد جعل من قضية التوارق ورقة ضغط سياسية على الجزائر في قضية الصحراء الغربية وحتى في قضية الحدود وكان الحسن الثاني قد صرح بدعمه للتوارق ودفعه للمطالبة بالاستقلال إذا واصلت الجزائر دعمها لإنشاء دولة صحراوية في المغرب، وكان معمر القذافي قد سار على خط الحسن الثاني عندما دعا إلى إنشاء دولة موحدة للتوارق في الصحراء وذهب إلى حد تحريض قائد التوارق إبراهيم باهانغا للانسحاب من المفاوضات مع مالي وتطبيق اتفاقيات الجزائر، وظل التوارق في مالي يزيدون من تصعيد تمردهم بسبب الأزمة الغذائية التي ضربت المنطقة في 2005 فكانت النتائج أن قاموا بهجومات عسكرية منها هجومهم على القاعدة الفرنسية (أفيرا). كانت الجريمة المنظمة (الإرهاب، الهجرة السرية والمخدرات) تعرف انتشار ورواجا واسعا خاصة في منطقة الساحل والصحراء، حيث كانت الصحراء الجزائرية قبلة لما يسمى الجماعة السلفية للدعوة والقتال « جي أس بي سي » وكانت حادثة اختطاف السواح الألمان في إليزي وأمقيد بالصحراء الجزائرية الأثر الذي ما تزال بصماته اليوم، كذلك تعرض قاعدة عسكرية موريتانية من الجماعات الإرهابية، وهجوم تنظيم القاعدة على مجمع هاليبرتون في 2006. وتبذل الجزائر ممثلة في رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جهودا كبيرة في حماية المنطقة من خلال منعه إنشاء مقرا لقاعدة » أفريكوم » ودعا دول الساحل إلى تأمين حدودها من خطر الإرهاب وتهريب السلاح والهجرة السرية، وهي تسعى جاهدة إلى الحفاظ على أمنها وحدودها في سياستها الخارجية، لاسيما والخلافات الترابية غالبا ما تكون حاضرة في المشهد السياسي، مثلما هوالشأن بالنسبة لمشكلة الصحراء الغربية
Soyez le premier à commenter