القدس العربي
يعتزم القضاء الألماني محاكمة مواطن مغربي يحمل الجنسية الألمانية بتهمة التجسس لصالح المخابرات المغربية، وتتجلى التهمة في فرضية متابعة ومراقبة وإنجاز تقارير حول أعضاء من جبهة البوليزاريو في العاصمة برلين ومدن أخرى.
وتعود وقائع هذا الحادث الى منتصف شباط (فبراير) الماضي عندما أعلنت النيابة العامة الألمانية اعتقال مجموعة من المواطنين المغاربة بتهمة التجسس لصالح المخابرات المغربية وتتجلى التهمة في مراقبة نشاط البوليزاريو، وكان قرابة 60 من أفراد القوات الخاصة قد اقتحموا منازل هؤلاء المغاربة وصادروا حاسوبات ووثائق كثيرة وبعد التحقيق والتمحيص أفرج عن الجميع باستثناء شخص واحد يحمل اسم محمد.ب ويبلغ من العمر 47 سنة والذي لم يتم الكشف عن هويته كاملة لأن القوانين الألمانية تمنع ذلك.
وامتد التحقيق مع هذا المواطن المغربي المتجنس أربعة أشهر تقريبا حتى الإفراج عنه يوم 5 من الشهر الجاري، ونقلت وكالة ‘أشوسايسد برس’ أن التهمة التي انتهت إليها النيابة العامة ووجهتها رسميا الى محمد. ب يوم الثلاثاء الماضي هي التجسس لصالح المغرب وذلك بالقيام بمراقبة البوليزاريو فوق الأراضي الألمانية بما يشكله هذا من ‘مخاطر على الأمن القومي الألماني’. وينص القانون على عقوبات قوية خاصة في حالة المتجنسين، إذ يصل الأمر الى طرح احتمال سحب الجنسية، ولكن هذا الأمر يبقى مستبعدا بحكم أن التجسس لم يستهدف المانيا بالدرجة الأولى بل بأشخاص أجانب يقيمون في أراضيها.
وتؤكد النيابة العامة أن المعني بالأمر تلقى مقابل تجسسه على البوليزاريو 22 ألف و800 يورو (قرابة 20 مليون سنتيم) من خلال فاتورة يفترض أنها مموهة عن طريق شركة مغربية تابعة للدولة المغربية، وهذا المعطى سيجعل هذه الشركة بدورها حاضرة في المحاكمة لأنه يفترض أنها جزء من نشاط التجسس طالما وفرت الغطاء والستار للعملية.
ومن خلال معطيات هذا الملف ، فالأمر لا يتعلق بعضو رسمي في المخابرات المغربية بقدر ما يتعلق بمتعاون، لكن بدون شك فالمتعاون قد يكون قد اسم الضابط المغربي الذي كان يشرف عليه مباشرة والذي غادر المانيا نحو المغرب تفاديا لاعتقاله.
ويعتبر هذا ثالث حادث سلبي تتعرض له المخابرات العسكرية المغربية في الخارج والمعروفة باسمها اللاتينية DGED، أي ‘المديرية العامة للدراسات والمستندات’ التي يديرها ياسين المنصوري، وتعتبر الجهاز المسؤول عن إدارة عملية الاستخبارات في الخارج. ويطرح الحادث الكثير من التساؤلات حول مستوى السرية التي يتعامل بها الجهاز، فتعرض الجهاز لثلاث حالات علنية على مدار ثلاث سنوات يعتبر فشلا استخباراتيا كبيرا.
وتعود الحالة الأولى الى ثلاث سنوات عندما رصدت المخابرات الهولندية شرطيا هولنديا من أصول مغربية كان يسرب معلومات عن حركات إسلامية مغربية في هولندا الى السفارة المغربية، ويعود الحادث الثاني الى سنتين بعد قرار السلطات البلجيكية طرد عضوين من المخابرات المغربية بسبب تجاوزهما حدود العمل الاستخباراتي المسموح به، وهذه هي الحالة الثالثة.
وعادة ما تتسامح المخابرات الدولية بشأن أنشطة بعضها البعض خاصة إذا كانت أجندتها متشابهة، إذ أن المغرب لا يشكل خطرا على الدول الأوروبية خاصة هولندا والمانيا وبلجيكا وفرنسا باستثناء الحساسية مع اسبانيا، وعندما يتم اتخاذ قرار طرد أو تتسرب الحالة الى القضاء والصحافة، فوقتها هذا يعني أن الجهاز المعني قد تجاوز الحدود المتسامح بها.
Be the first to comment