إن الحديث عن فعالية الدبلوماسية المغربية بالقارة الإفريقية يدفعنا إلى التذكير بالجهود المتواصلة التي تبذلها بلادنا من أجل تعزيز حضورها على الصعيد القاري في مختلف الميادين، حيث نشير هنا إلى حضور بلادنا في عمليات استتباب الأمن والاستقرار بالبلدان الإفريقية جنوب الصحراء ومساهمتها في الحفاظ على سيادتها، ووحدتها الترابية، والدفع بالتنمية البشرية فيها، إضافة إلى تدعيم وتقوية التواجد الاقتصادي المغربي بهذه الأقطار وذلك في إطار تعاون جنوب- جنوب يرقى بالتعاون بين المغرب والدول الإفريقية إلى مستوى شراكة حقيقية للتنمية على الصعيد الثنائي وداخل التجمعات الاقتصادية الجهوية.
.Iالحضور المغربي على الصعيد القاري:
لقد عمدت بلادنا منذ فجر الاستقلال على بذل مجهودات جبارة من أجل تعزيز حضورها على الصعيد القاري، حيث نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى :
الزيارات الملكية المتعددة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله ، لهذه الأقطار ) أكثر من 23 زيارة إلى 13 بلدا إفريقيا)، وما تلعبه من دور فعال في تقوية علاقات المغرب مع هذه الدول ، حيث توجت هذه الزيارات بتوقيع عدة اتفاقيات في ميادين التنمية الاقتصادية والتقنية والاجتماعية والثقافية والإنسانية غطت مجالات عديدة مثل الفلاحة والتغذية والصيد البحري والتربية والتعليم وتدبير المياه والسقي والمنشات الأساسية والتجهيزات الحضرية والتدبير المالي والبنكي؛
فتح عدد مهم من التمثيليات الدبلوماسية للمملكة والتي يبلغ عددها حاليا 19 سفارة بدول إفريقيا جنوب الصحراء تغطي 42 دولة؛
العمل على تعزيز التعاون الثنائي مع الدول الإفريقية وذلك من خلال الزيارات التي قام بها السيد الوزير إلى عدد كبير من الأقطار الإفريقية، وكذا عقد اجتماعات اللجان المختلطة مع هذه الدول، من اجل وضع أرضية ملائمة لتشجيع المبادلات التجارية و توفير الظروف الملائمة للاستثمارات المغربية بهذه الأقطار و حمايتها وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في مساعي تعزيز التبادل التجاري، وقد تم، في هذا الإطار، توقيع عدد مهم من الاتفاقيات بين المغرب وشركائه الأفارقة خلال العشر سنوات الماضية، حيث بلغت حوالي 500 اتفاقية مع أكثر من 40 دولة؛
إنشاء صندوق خاص لتقوية حضور الفاعلين الاقتصاديين المغاربة بالبلدان الإفريقية )200 مليون درهم( ، إضافة إلى رفع السقف الخاص بالتحويلات المالية من اجل الاستثمار بالبلدان الإفريقية إلى 100 مليون درهم وذلك خلال شهر دجنبر 2010،
الحرص على الرفع من مستوى التنمية البشرية بالقارة، حيث عبأ المغرب إمكانيات ضخمة لتكوين الأطر الإفريقية، ودعم التعاون التقني ونقل الخبرات، كمحور أساسي في برنامجه للتعاون عن طريق الوكالة المغربية للتعاون الدولي، التي تعد رافعة في هذا المجال بين المغرب ومحيطه الإفريقي،
ففي ما يخص مجال التكوين الجامعي، يتابع 12.000 طالب إفريقي دراستهم بمختلف المعاهد والجامعات المغربية و90 % منهم يستفيدون من منح الحكومة المغربية، كما مولت الوكالة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، دورات تكوينية لفائدة ما يزيد على 1300 إطار من هذه الأقطار في مختلف المجالات.كما تقوم الوكالة بتمويل عدة مشاريع ذات طابع اقتصادي واجتماعي في مجالات حيوية كالصحة والتعليم والتزود بالماء الصالح للشرب؛
وساهمت بلادنا بشكل فعال في تدبير النزاعات ودرء مخاطر الانفصال خاصة في منطقة الساحل، حيث وقفت بلادنا إلى جانب الوحدة الترابية لدولة مالي أمام التهديدات الإرهابية، وانخرط المغرب داخل مجلس الأمن، ممثلا للدول الإفريقية، في دعمها والدفاع عن أمنها و استقرارها السياسي، و ترجم هذا الالتزام بالمصادقة على القرار رقم 2085 تحت الرئاسة المغربية لمجلس الأمن، بالإضافة إلى الجهود المغربية في مجالات حفظ السلام، والوساطة، وعمليات إعادة البناء بعد النزاعات في حرص تام على التمسك بخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بصيانة و حفظ الأمن والاستقرار في ربوع القارة؛
الحضور المتميز لبلادنا على مستوى المجموعات الاقتصادية الجهوية، مثل تجمع دول الساحل و الصحراء (سين صاد) والمجموعة الاقتصادية لغرب لإفريقيا، وحضور وفود مغربية وازنة في كافة الشراكات بين إفريقيا والدول والقارات الأخرى، كما قام المغرب بجهود معتبرة لإطلاق المبادرة من أجل خلق تجمع يضم البلدان المطلة على الأطلسي.
الحضور الهام لبلادنا على هامش مؤتمرات القمة للاتحاد الإفريقي، حيث يقوم الوفد المغربي بعقد لقاءات ثنائية مع المسؤولين الأفارقة المشاركين في هذه المؤتمرات، وزراء، ورؤساء حكومات، لتدارس سبل التعاون مع هذه البلدان، والعمل معهم على مساندة القضية الوطنية، ودعم الوحدة الترابية للمملكة.
.IIالمبادرات المزمع اتخاذها من أجل لعب دور أكثر فعالية على الصعيد القاري:
لقد أصبحت القارة الإفريقية محط الاهتمام العالمي لما تشكله من أهمية على الصعيد الاقتصادي نظرا لتوفرها على عدة مؤهلات كالموارد الطبيعية، و شساعة الأراضي الزراعية، والموارد البشرية، حيث عملت هذه الوزارة على اتخاذ عدة تدابير من شانها نجاعة وفعالية الدبلوماسية المغربية بدول إفريقيا ، ونخص بالذكر هنا على المستوى السياسي:
تنمية التعاون الثنائي القائم و تعميقه والبحث عن خلق شراكات جديدة،
تفعيل الاتفاقيات الموقعة وتسريع وتيرة إتمام تلك التي هي في طور الإنجاز، بالتنسيق مع كافة القطاعات الوزارية المعنية وممثلي الدول الإفريقية الشريكة ،
تشجيع تبادل زيارات الوفود البرلمانية المغربية و الإفريقية و ممثلي المجتمع المدني و كذا مبادرات التعاون بين الهيئات المنتخبة المغربية و نظيراتها الإفريقية،
تقوية وتدعيم الروابط الدينية والروحية عن طريق دعم العلاقات بين المؤسسات المهتمة بالشأن الديني لدعم التواجد الروحي و التاريخي للمغرب، خاصة في إفريقيا الغربية و الوسطى، حفاظا على روابط الأخوة والصداقة مع شعوب هذه الأقطار،
العمل على تقوية تواجد بلادنا بدول جنوب وشرق إفريقيا نظرا لكون بعض دول هذه المنطقة تحتفظ بمواقف عدائية اتجاه قضيتنا الوطنية، وذلك من خلال الانفتاح على هذه الدول و فتح سفارات المملكة بها و دعم التواصل معها،
العمل على اتخاذ المبادرات اتجاه الدول المناهضة للقضية الوطنية لإنعاش وتطوير التعاون الثنائي وتشجيع تبادل زيارات المسؤولين، وجعل التجربة المغربية في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التقنية والعلمية رهن إشارتها، و فتح المجال للتعاون الثقافي والديني معها.
واستكمالا للدور الريادي للمغرب ولإشعاعه القاري، تعمل هذه الوزارة على تقوية وتدعيم التواجد الاقتصادي المغربي وتشجيع مبادرات القطاع الخاص الوطني بإفريقيا من خلال:
إحداث لجان مشتركة مع الدول الإفريقية التي أبدت اهتماما بتطوير علاقاتها الاقتصادية مع بلادنا؛
تطوير منظومة اللجان المشتركة و عقلنة تدبيرها و تحسين برمجتها بما يلاءم أولويات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لبلادنا و لشركائنا ،
تنظيم لقاءات بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم في الأقطار الإفريقية؛ وتشجيع القطاع الخاص على توسيع استثماراته في القارة الإفريقية مع الاستمرار في دعم المقاولات المغربية الناشطة و توجيهها و كذا إنشاء مجالس مشتركة للأعمال لتطوير الشراكات الاقتصادية مما يساهم في تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية.
Be the first to comment