شريهان عثمان, باحثة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
ي أكتوبر ٢٠١٠ أصدرت منظمه هيومن رايتس ووتش تقريرا بعنوان ( كفاك بحثا عن ابنك: الاعتقـالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب). تناول التقرير بالرصد والتحليـل الانتهاكـات المـصاحبة لعمليات الاعتقالات المستندة إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر بالمملكة المغربية في ٢٨ مايو ٢٠٠٣؛ أي بعد ١٢ يوما فقط من تنفيذ الهجمات الإرهابية في ١٦ مايو ٢٠٠٣ .ومنذ ذلك الحين تـصاعدت وتيـرة الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن المغربية، وذلك في مواجهة الأشخاص المشتبه بصلتهم بالإرهاب.
شريهان عثمان, باحثة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
ي أكتوبر ٢٠١٠ أصدرت منظمه هيومن رايتس ووتش تقريرا بعنوان ( كفاك بحثا عن ابنك: الاعتقـالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب). تناول التقرير بالرصد والتحليـل الانتهاكـات المـصاحبة لعمليات الاعتقالات المستندة إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر بالمملكة المغربية في ٢٨ مايو ٢٠٠٣؛ أي بعد ١٢ يوما فقط من تنفيذ الهجمات الإرهابية في ١٦ مايو ٢٠٠٣ .ومنذ ذلك الحين تـصاعدت وتيـرة الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن المغربية، وذلك في مواجهة الأشخاص المشتبه بصلتهم بالإرهاب.
التقرير يعتني برصد وتقييم آثار استخدام وتفعيل هذا القانون على أوضاع حقوق الإنسان بالمملكة، حيـث لا يزال ضحاياه رابضين خلف أسوار المعتقلات والسجون المغربية رغم أن بعضهم لم يـتم عرضـه علـى القضاء، بل ولم توجه إليهم حتى الآن اتهامات بالجرائم التي تزعم السلطات الأمنية أنهم قد ارتكبوها. كشف التقرير عن أن الانتهاكات التي تقوم بها السلطات في مواجهة هؤلاء الأفـراد تتبـع نمطـا محـددا ومتكررا، حيث يتم احتجاز المشتبه بهم من قبل أفراد يرتدون زيا مدنيا، ولا يبرزون أية هويـة رسـمية أو مذكرة اعتقال ولا يكترثون بتفسير أسباب وأسس الاعتقال، وتقوم السلطات باحتجاز المشتبه بهم في أمـاكن اعتقال سرية، يتعرض فيها المعتقلون للتعذيب وسوء المعاملة خلال الاستجواب, كمـا يـتم الإبقـاء علـى المعتقلين رهن الحراسة المشددة لفترات طويلة تزيد عن مدة الـ ١٢ يوما المسموح بها مـن قبـ ل قـانون مكافحة الإرهاب ذاته.
وبعد كل هذه المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلين يتم تسليمهم للـشرطة، التي تقوم بدورها بإجبارهم على التوقيع على اعترافات جاهزة ومعدة مسبًقا قبل حضور ممثلهم القانوني؛ مما يؤدي بعد ذلك إلى إدانتهم علي أساس تلك الاعترافات المشكوك في صحتها. اهتم واضعو التقرير بتقديم تفاصيل تتعلق ببعض الاعتقالات التي تمت بين عـامي ٢٠٠٧ وعـام ٢٠١٠، استنادا إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يتضمن تعريفا واسعا للغاية للإرهاب وللجرائم الإرهابية، ويقّلـص من حقوق المشتبه بهم في قضايا يزعم أنها متعلقة بالإرهاب، كما يشدد في العقوبات في حالة تـوافر مـا يصفه القانون بالإرهاب.
ويشير التقرير إلى أن هذا القانون يستخدم في إدانة وسجن العديد من الأفراد سواء من الأفـراد العـاديين أو السياسيين أو الصحفيين أو المدونين، وذلك بتهم كالتحريض على العنف وغيرها مـن الـتهم ذات الـصلة بالإرهاب. ومما يفاقم الأوضاع سو ءا؛ ما أشار إليه التقرير من دأب السلطات على الاستهزاء بمقتضيات هـذا القـانون وبمقتضيات قوانين أخرى، وتفسيرها المتعسف لمواد القانون بما يحقق لها ما تريده وتراه مناسبا, وذلك بمـا يخالف الالتزامات القانونية المترتبة على الحكومة المغربية، والتي تنتج عن مصادقة الحكومة على اتفاقيـة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية والـلا إنـسانية أو المهينـة، وكذلك التعديلات التي أجرتها الحكومة في عام ٢٠٠٦ على القانون الجنائي والمتعلقـة بمفهـوم التعـذيب وحظره.
وقد أبرز التقرير نتائج رصد أوضاع عينة من المعتقلين، تشمل سبعة رجال (عبد العزيز جـانح والمهـدي ملياني ويونس زارلي وانور الجابري وياسر العثماني وصلاح ناشط وعبد الرحيم لحجولي) تم اعتقالهم فـي مارس وأبريل ٢٠١٠ ولم يتم الإفراج عنهم حتى الآن, وقد اعتقلتهم السلطات المغربية بزعم تشكيلهم لشبكة إرهابية. وقد أجمع المعتقلون على تعرضهم للعديد من الانتهاكات التي تم ذكرها سابقا، فضلا عن منعهم من الالتقاء بمحاميهم أو بممثليهم القانونيين؛ وذلك لإجبارهم على التوقيع على محاضـر واعترافـات أعـدتها الشرطة! ورصد التقرير تعرض المعتقلين للاعتداء الجسدي بالضرب أو بالتعذيب بوسائل أخرى، وتعرضهم للاحتجاز في أماكن سرية على الرغم من إعلان المغرب عن انتهاء عصر مراكز الاعتقال السرية. ويقبع في السجون المغربية المئات من الأشخاص المدانين بتهمه الإرهاب منذ العام ٢٠٠٣ ،رغم أن أعدادا كبيرة منهم قد ثبتت براءتهم من التهم المنسوبة إليهم. كما تم القبض علي مجموعه أخرى في القضية المعروفة باسم (قضية بلعيرج) وتشمل قائمة المعتقلين فيهـا العديد من السياسيين المعارضين، من بينهم المصطفي معتصم ومحمد أمين الركالة وعلي التـوالي ومحمـد المرواني. هذا فض ًلا عن مجموعة أخرى تم إلقاء القبض عليها، ويطلق عليها مجموعة الدنكير الذين تمـت إدانتهم في يناير ٢٠١٠ . ولم يقتصر الأمر على أعضاء تلك المجموعات، بل امتد ليشمل اعتقال وسجن المزيد مـن الأفـراد بـسبب التعليقات علي الانترنت، كما في حالة رضا بن عثمان الذي يقضي الآن حكما بالسجن أربع سـنوات بعـد اعتقاله السري جراء آرائه وتعليقاته التي قام بنشرها على الإنترنت، وبذلك يكون قد امتد أثر تطبيق قـانون محاربة الإرهاب ليشمل استخدامه في خنق والتضييق على حرية التعبير.
ويؤكد التقرير أن الانتهاكات التي أوردها ما زالت متواصلة على الرغم من التوصيات التي قـدمتها هيئـة الإنصاف والمصالحة بعد التحقيق في هذه الانتهاكات، خاصة مع فشل السلطات المغربية في تنفيذ العديد من الإصلاحات والتوصيات التي دعت إليها الهيئة. واختتم التقرير بمجموعة من التوصيات الموجهة إلى الحكومة المغربية لوضع حد للاعتقـالات وللتعـذيب، وذلك عبر عدة وسائل أهمها إجراء تحقيقات سريعة ومستقلة في حالات الاعتقال والتعذيب وسوء المعاملـة التي يتم الابلاغ عنها, وأوصى في حال إثبات هذه الحالات بأن تتم محاسبة المسئولين عن هذه الانتهاكـات، كما دعا التقرير الحكومة إلى تطبيق القوانين بصورة صحيحة، وتطبيق المواد في القانون الجنائي المتعلقـة بعدم قبول الاعترافات المنتزعة بالإكراه، وبخاصة المادة ٢٩٣ من قانون المسطرة الجنائية المعدل، ودعـا أيضا لضمان توفير الحقوق الأساسية للمعتقلين وذلك لحمايتهم, ودعا الحكومة أيضا إلى اعتمـاد تـشريعات جديدة لتعديل قانون الإرهاب الحالي والانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات التي تسعى إلى منع ك ل مـن الاختفاء القسري والتعذيب والتي لم توقع عليها بعد الحكومة المغربية.
المصدر
التقرير يعتني برصد وتقييم آثار استخدام وتفعيل هذا القانون على أوضاع حقوق الإنسان بالمملكة، حيـث لا يزال ضحاياه رابضين خلف أسوار المعتقلات والسجون المغربية رغم أن بعضهم لم يـتم عرضـه علـى القضاء، بل ولم توجه إليهم حتى الآن اتهامات بالجرائم التي تزعم السلطات الأمنية أنهم قد ارتكبوها. كشف التقرير عن أن الانتهاكات التي تقوم بها السلطات في مواجهة هؤلاء الأفـراد تتبـع نمطـا محـددا ومتكررا، حيث يتم احتجاز المشتبه بهم من قبل أفراد يرتدون زيا مدنيا، ولا يبرزون أية هويـة رسـمية أو مذكرة اعتقال ولا يكترثون بتفسير أسباب وأسس الاعتقال، وتقوم السلطات باحتجاز المشتبه بهم في أمـاكن اعتقال سرية، يتعرض فيها المعتقلون للتعذيب وسوء المعاملة خلال الاستجواب, كمـا يـتم الإبقـاء علـى المعتقلين رهن الحراسة المشددة لفترات طويلة تزيد عن مدة الـ ١٢ يوما المسموح بها مـن قبـ ل قـانون مكافحة الإرهاب ذاته.
وبعد كل هذه المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلين يتم تسليمهم للـشرطة، التي تقوم بدورها بإجبارهم على التوقيع على اعترافات جاهزة ومعدة مسبًقا قبل حضور ممثلهم القانوني؛ مما يؤدي بعد ذلك إلى إدانتهم علي أساس تلك الاعترافات المشكوك في صحتها. اهتم واضعو التقرير بتقديم تفاصيل تتعلق ببعض الاعتقالات التي تمت بين عـامي ٢٠٠٧ وعـام ٢٠١٠، استنادا إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي يتضمن تعريفا واسعا للغاية للإرهاب وللجرائم الإرهابية، ويقّلـص من حقوق المشتبه بهم في قضايا يزعم أنها متعلقة بالإرهاب، كما يشدد في العقوبات في حالة تـوافر مـا يصفه القانون بالإرهاب.
ويشير التقرير إلى أن هذا القانون يستخدم في إدانة وسجن العديد من الأفراد سواء من الأفـراد العـاديين أو السياسيين أو الصحفيين أو المدونين، وذلك بتهم كالتحريض على العنف وغيرها مـن الـتهم ذات الـصلة بالإرهاب. ومما يفاقم الأوضاع سو ءا؛ ما أشار إليه التقرير من دأب السلطات على الاستهزاء بمقتضيات هـذا القـانون وبمقتضيات قوانين أخرى، وتفسيرها المتعسف لمواد القانون بما يحقق لها ما تريده وتراه مناسبا, وذلك بمـا يخالف الالتزامات القانونية المترتبة على الحكومة المغربية، والتي تنتج عن مصادقة الحكومة على اتفاقيـة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية والـلا إنـسانية أو المهينـة، وكذلك التعديلات التي أجرتها الحكومة في عام ٢٠٠٦ على القانون الجنائي والمتعلقـة بمفهـوم التعـذيب وحظره.
وقد أبرز التقرير نتائج رصد أوضاع عينة من المعتقلين، تشمل سبعة رجال (عبد العزيز جـانح والمهـدي ملياني ويونس زارلي وانور الجابري وياسر العثماني وصلاح ناشط وعبد الرحيم لحجولي) تم اعتقالهم فـي مارس وأبريل ٢٠١٠ ولم يتم الإفراج عنهم حتى الآن, وقد اعتقلتهم السلطات المغربية بزعم تشكيلهم لشبكة إرهابية. وقد أجمع المعتقلون على تعرضهم للعديد من الانتهاكات التي تم ذكرها سابقا، فضلا عن منعهم من الالتقاء بمحاميهم أو بممثليهم القانونيين؛ وذلك لإجبارهم على التوقيع على محاضـر واعترافـات أعـدتها الشرطة! ورصد التقرير تعرض المعتقلين للاعتداء الجسدي بالضرب أو بالتعذيب بوسائل أخرى، وتعرضهم للاحتجاز في أماكن سرية على الرغم من إعلان المغرب عن انتهاء عصر مراكز الاعتقال السرية. ويقبع في السجون المغربية المئات من الأشخاص المدانين بتهمه الإرهاب منذ العام ٢٠٠٣ ،رغم أن أعدادا كبيرة منهم قد ثبتت براءتهم من التهم المنسوبة إليهم. كما تم القبض علي مجموعه أخرى في القضية المعروفة باسم (قضية بلعيرج) وتشمل قائمة المعتقلين فيهـا العديد من السياسيين المعارضين، من بينهم المصطفي معتصم ومحمد أمين الركالة وعلي التـوالي ومحمـد المرواني. هذا فض ًلا عن مجموعة أخرى تم إلقاء القبض عليها، ويطلق عليها مجموعة الدنكير الذين تمـت إدانتهم في يناير ٢٠١٠ . ولم يقتصر الأمر على أعضاء تلك المجموعات، بل امتد ليشمل اعتقال وسجن المزيد مـن الأفـراد بـسبب التعليقات علي الانترنت، كما في حالة رضا بن عثمان الذي يقضي الآن حكما بالسجن أربع سـنوات بعـد اعتقاله السري جراء آرائه وتعليقاته التي قام بنشرها على الإنترنت، وبذلك يكون قد امتد أثر تطبيق قـانون محاربة الإرهاب ليشمل استخدامه في خنق والتضييق على حرية التعبير.
ويؤكد التقرير أن الانتهاكات التي أوردها ما زالت متواصلة على الرغم من التوصيات التي قـدمتها هيئـة الإنصاف والمصالحة بعد التحقيق في هذه الانتهاكات، خاصة مع فشل السلطات المغربية في تنفيذ العديد من الإصلاحات والتوصيات التي دعت إليها الهيئة. واختتم التقرير بمجموعة من التوصيات الموجهة إلى الحكومة المغربية لوضع حد للاعتقـالات وللتعـذيب، وذلك عبر عدة وسائل أهمها إجراء تحقيقات سريعة ومستقلة في حالات الاعتقال والتعذيب وسوء المعاملـة التي يتم الابلاغ عنها, وأوصى في حال إثبات هذه الحالات بأن تتم محاسبة المسئولين عن هذه الانتهاكـات، كما دعا التقرير الحكومة إلى تطبيق القوانين بصورة صحيحة، وتطبيق المواد في القانون الجنائي المتعلقـة بعدم قبول الاعترافات المنتزعة بالإكراه، وبخاصة المادة ٢٩٣ من قانون المسطرة الجنائية المعدل، ودعـا أيضا لضمان توفير الحقوق الأساسية للمعتقلين وذلك لحمايتهم, ودعا الحكومة أيضا إلى اعتمـاد تـشريعات جديدة لتعديل قانون الإرهاب الحالي والانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات التي تسعى إلى منع ك ل مـن الاختفاء القسري والتعذيب والتي لم توقع عليها بعد الحكومة المغربية.
Soyez le premier à commenter